
عند الثامنة
تنتهي كل الاحلام وتبدأ اخرى تأتيك ركضا ..
وانت مازلت تزحف بجسدك المتهالك،
امي
سدرة البيت صاحبة القرارات الاولى قبل والدي ايضا
تتخذ القرار اولا ثم
تخبرنا به كأمر مسلم به لا مفر من تنفيذه ،
وعلى جميع المتضررين الالتزام بما
يكون،
كانت مثلنا الاعلى ومازلت لان عقلانيتها في تحليل الامور يجعلها اكثر قربا من الحقائق ،
وهذا ماحدث عند الثامنة...
قررت امي مع الطبيب انهاء آلآم عشت اعاني منها كثيرا لاسباب صحية توارثتها عن جدتي ،
الاطباء الذين نسميهم جراحين بلا رحمة ماهم الا اناس وضعتهم الظروف تحت اعيننا وارواحنا
ونجاتها بعد الله بـ ايديهم،
وعندما يقرر طبيب ما ان يخلصك من شيء تحبه
تأكد تماما ان هذا هو الخيار الصحيح
فحياتك ليست ملكك وحدك ،
وكذلك خبرتهم ومايحدثونك عنه من مصطلحات طبية
لا تفقه فيها شيئا تجعلك تتوهم ان الامر كبير لا تتحمله،
فتستسلم..
لا يوجد لديك خيار آخر .. فهو قدرك الذي لا مفر منه ،
تذكر فقط ان هذه فرصتك للعودة مرة اخرى...
استيقظت عند الثامنة
بعد صراع طويل مع الألم اني بخير والامور باذن الله مستقرة ،
فرحة امي ودمعاتها الالمعة واخوتي وابي وصديقاتي
واقاربي جعلني كل هذا اطمئن واتنهد عمق التعب ،
لكن...
ممدة على هذا السرير بغطاء ابيض اطرافه تحمل اسم المشفى
الا ان جسدي ثقيل اشير الى امي ... ماذا يثقل جسمي بهذه الطريقة ؟
برعب
شديد اتحسسه لست على مايرام ..
واشير الى امي ابكي حرقة
امي ذهناك
اخرى تسكن جسدي،
ارجوكم اريد ان استيقظ من هذا الكابوس لا اشعر اني بخير،
لطفا ابتعدو دعوني وشأني لا استطيع ان اتنفس
اني اختنق ،افتحو هذه النوافذ رجاءا ،
لا حياة لمن تنادي
انتهى كل شيء ... بعد الثامنة
تمر السنوات وتبدأ انت بالتأقلم على ماتغير في حياتك لكن
لا احد يعطيك هذا الحق حتى من يدخلون حياتك بمجرد مايعلمون ما انت فيه تتحول مشاعرهم
الى عطف شديد واهتمام مبالغ فيه فأنت مختلف الان وتحتاج الى هذا الكم الهائل من الشفقة
بعد الثامنة بدأت حكايا جديدة ...
اقساها على انثى مثلي نظرت الجميع لك بعطف شديد وشفقة مميتة
بعد ان كنت لهم مثال حيوية ونشاط وحركة،
اصبحت جليسة كرسي وعند الوقوف عصاة تسندك لبعض الوقت
اتعلمون مالمضحك في الامر ان تلك العصاة تخذلني عندما استعين بها
مسرعة كانها تخبرني تمهلي ايتها الغبية
لم تكن وحدها من يخذلني ..
كنت انت ايضا
عندما
تقدمت لخطبتي
وموافقتك عليّ لاقتناعك اني استحق حياة كريمة كما اخبرتني،
واذكر وقتها قلت لك اعطي نفسك فرصة ... فكر اكثر
لكنك استعجلتني واستعجلت الوقت وكنت ارى الفرحة في عينيك
لكنك استعجلتني واستعجلت الوقت وكنت ارى الفرحة في عينيك
حتى اعتراض والدتك واخوتك كنت فخورة جدا انك تقف معي
وان سعادتك بقربي فانا ذكية وجميلة لا ينقصني شيئ
وسريعا ماتمر الايام حتى يستطيعون تغيرك
حملتني عبئا اثقلتني به وحدي لم تكون طيبا فقط
حملتني عبئا اثقلتني به وحدي لم تكون طيبا فقط
بل كنت قاسيا لدرجة اني كنت اشفق على حالي معك،
لماذا
اذن نكمل ليذهب كل منا في طريقه ويكمل مع الشخص المناسب،
حتى هذه المحاولة
كانت اختبار لك
وما إن اخبرتك برغبتي تلك فريت هاربا وودعتني دون
التفاتة منك ،
وتذكرت حينها من سيربط نفسه بامراة مثلي ...
ينقصها شيئ لا يستطيع شكلها الجميل وجسدها النحيل
ان يلغي بتر رجلها اليمنى واستعارتها بملابس جميلة
لـ تخفيها عن انظار الجميع،
مرهقة حد الموت ...
لا اتحمل النظر الي نفسي لقد تم بتري رجلي بكل قسوة من امي
واطبائها الذين تكاتفو عليّ وتجاهلو احساسي
الم اخبركم اني عاجزة عن ان ادافع عن ابسط حقوقي ان احتفظ بجزء مني
كان بمثابة تكملة هامة لحياتي،
كم امراة في هذا العالم لا تستطيع حماية حقوقها الجسدية
في ان تقرر قرارا مصيريا،
هذا ليس فقط مايدور في ذهي فقد مرت خمس سنوات ولا شيء تغير
مازلت رجلي مبتورة وهي الان في امكان اخر لا اعرف اين هو
وهل تم لها مراسم وداع هل اهتمو بها ام عاملوها كانها شيء متعفن تم التخلص منه،
هل راعو احساسي ان سألتهم اين هي سيخبروني عنها كلاما جميلا؟
لا اظن لذلك سأكتفي ان بالصمت ..
وسأكتفي انا بنظراتكم وهمزاتكم ،وسأصمت حين تنادوني بمعاقة ..
عن اي اعاقة يتحدثون...
لماذا يصمم العالم ان يصنفوك ويعطونك اسما يلتصق بك حتى اخر عمرك،
وكأنك موسوم بختم عدم الاقتراب ..
سأكتفي بصمت طويل لن افكر كثيرا ،
ومهما كانت قوتك في تحمل وتقبل نفسك
لابد ان تجد شيئا يجعلك تفقد ايمانك وتعود مستغفرا ،نادما..باكيا
يالله صبرا ..
وقررت لأول مرة ان اختار مصير آخر اكثر راحة
سأكتفي ان اختفي خلف شاشة عمياء اتعامل بها مع أناس لا اعرفهم
تربطني بهم كلمات اخبرهم عني ويخبروني عنهم
ونتبادل اطراف احاديث كثيرة،
اخرج معهم اينما اريد في خيالي واسافر معهم
ونحكي قصصا كثيرة ، نضحك، نتشارك،نغني،
نبكي،نتفائل، نساعد بعضنا البعض
عالم مثالي لي يشبهني يعطني حقي الحقيقي في الحياة،
الحياة التي منعني منها المجتمع والناس ،
في ان امارس ابسط حقوقي في وظيفة ما ، في حب،في صداقة
حتى قابلتكِ ياصديقتي انا وانتي خلف مربع صغير نتبادل احاديث كثيرة
كل يوم نغوص وسط اهتمامتنا المشتركة ،
منحتني كل حب وتقدير كنت اتردد ماذا اخبرك عني،
اعطيتني
شيئا من الأمان وحب الروح لم اكن اعلم ان ارواحنا تلتقي قبل الاعين
قبل ان يمنعكِ شكلي من التعامل معي
استحق ان يهتم بي احدهم واهتم لأمره
واعتني به ويعتني بي
لكنه عالم آخر هاربة جئته لا احمل سوى ضجري
استحق ان يهتم بي احدهم واهتم لأمره
واعتني به ويعتني بي
لكنه عالم آخر هاربة جئته لا احمل سوى ضجري
في كل مرة انظر الى مرآتي اتسأل :-
كم يلزمني من الوقت ان اعود هاربتا الى مكان آخر اتعلم فيه شكر النعم؟
انا مازلت مؤمنة ان الله حرمني لكنه اعطاني بالمقابل شيئا آخر...
سخطي على حالي جعلني اجهل كيف اكون مع الله ... كيف أتأدب معه...
مع الوقت اكتشفت اني لم اتمتع بنعمة الله
عليّ
الحياة ... التي وهبني الله هي بعد تعب لسنوات طويلة
وقدم لي الصحة ووضعني في اختبارات كثيرة
لم انجح فيها الا بعد وقت طويل
العجز الحقيقي الذي تعلمته ان استسلم لما انا فيه ،
واقدم يأسي مستمر بهروب الى شاشة
اعيش فيها عالمي الخاص، عالم من الهدوء والحب..
لكنه لن يعطني اكثر من كبسولات مهدئة
لاستمر في التقدم ...
العجز ان لا اعطي نفسي حق العيش بسلام
وانظر الى الاخرين الذين يشبهوني واتعلم منهم
كفاح الحياة وان الاستمرار فيها يعني القوة ،
تعلمت وتفكرت وقرأت وتابعت
لكنني لم اتقن شيئا من كل هذا
سوى الهرب
ودونت نفسي في قائمة الهاربين
لااعلم متى العودة.
/
تمت
/
تمت
*آمال عبدالباسط*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق